فلسطين .. الحقيقة الواضحة، مهما حاول بعض الأنجاس تظليلها، فلسطين الحرية والثبات، فلسطين المقاومة، الجرح الذي لم يبرى، حزن قلوبنا الأول، الشيءٌ الذي يكبر بداخلنا يومًا بعد يوم، القضية التي لا تحتمل الرأي، ولا تحتمل الحياد، فلا حياد في قضايا الظلم..
والتفاوض كما يعرفه الجميع هو عملية يمكن من خلالها حل النزاعات بمختلف أنواعها ولكن .. ليس هذا النوع من النزاع وليس هذه المرة. لأننا أصحاب حق، نحن أصحاب هذه الأرض ففيما نتفاوض! ٧٢ عامًا مر على نكبة فلسطين الأليمة ومازال الجسد الفلسطيني يُدمى، ٧٢ عامًا من الظلم والقهر. ٧٢ عامًا لم يهنى بها الشعب الفلسطيني ولو ليوم واحد، ٧٢ عامًا قتل واغتصاب وجوع وتهجير وسرقة.. سرقة وطن.
في الذكرى الحادية والسبعين من النكبة كشف “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني” إن عدد الشهداء الفلسطينيين الذي قتلهم الاحتلال منذ عام النكبة حتى اليوم وصل إلى ١٠٠ ألف شهيد تقريباً، إلى متى وفلسطين تخسر؟ تخسر الأرواح، الأحلام والطموحات، تخسرالحاضر والمستقبل، تخسر رجالها ونسائها، أطفالها ومشيبها، تخسر الحياة وتحتضن الموت، تخسر الأمل وتعيش في اليأس، ٧٢ عامًا قُتلت بها الطفولة بغير حق.. سُلبت الطفولة من أطفال فلسطين أمام أعين الجميع، أصبح الفلسطينيون ناضجون منذ الولادة، الأطفال الفلسطينيين غالبًا ما يتعرضون للإعتقال ليلاً وتكبيل اليدين وتعصيب العينين وإساءة المعاملة ومنع وصول أفراد أسرهم أو الممثلين القانونيين إليهم، ويذكر التقرير الذي نشرته الغارديان أن الأطفال الفلسطينيين يتم احتجازهم في حبس انفرادي على مدى أيام أو حتى أسابيع، وأحيانًا يوقعون اعترافات ويذكرون في وقت لاحق أنهم وقعوها بالإكراه. وصرحت منظمة بتسيلم أن معاملة هؤلاء الأطفال تنتهك اتفاقية حقوق الأطفال، إن الأمثلة على سلب الطفولة كثيرة فمن ينسى.. محمد الدرة الذي استشهد في وابل من الرصاص في البطن وهو يحتمي في حضن والده؟وفارس عودة الذي انتهت حياته برصاصة في العنق؟ ومن ينسى الطفلة لمى؟ ذات الستة أعوام التي دهستها المستعمرات الصهيونية ما أدى إلى استشهادها على الفور، ومحمد أبو خضير الذي أختطف وحُرق حتى الموت؟ والرضيعة إيمان التي لم يتجاوز عمرها الأربعة أشهر حتى اخترقت شظية قذيفة دبابة إسرائيلية جسدها الصغير؟ وأطفال عائلة بكر الذي تحولت أجسادهم إلى أشلاء بينما كانو يلعبون كرة القدم؟ من سرق حياة هؤلاء الأطفال وغيرهم الكثير، لن يصنع إلا الدمار لأطفال العالم.
“وإن كان في القلب الكثير من الحرقة على حال فلسطين اليوم، أفضل ما يمكننا فعله هو تحويل هذه الحرقة والصرخة إلى حلول تُستفاد في تطبيقها الأمة”
لنقدم لها أضعف وأوهن خدمة يمكننا القيام بها..
الخطوة الأولى: هي ذكر المصطلحات الخاصة بالقضية بالشكل الصحيح، ولندرك جميعنا حقيقة أن المصطلح يصبح جزء من الهوية وعملية التربية عندما يتعلق الأمر بالإختلاف مع الأعداء، وأن المسميات من أقوى الوسائل التي إذا ترسخت بشكل خاطىء تقتل أي قضية.
تكرر في السنوات الماضية مصطلحات تستهدف إعادة تشكيل الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي، وأول هذه المصطلحات “الغير بريئة” وأهمها هو: استخدام مصطلح “إسرائيل”، لوصف الكيان المحتل.. والصحيح في القول: العدو، الكيان الصهيوني، الإحتلال.. أو على الأقل وضع لفظة “إسرائيل” بين علامتي تنصيص للدلالة على عدم الإعتراف، لدينا أيضًا مصطلح آخر وهو “الأراضي الفلسطينية”، الذي يبدو للمرة الأولى وكأنه مصطلحًا عاديًا، غير أنه يُستخدم للتعبير عن الأراضي التي تديرها السلطة الفلسطينية، ويظهر ذلك عندما تتحدث الأخبار عن زيارة شخصية ما إلى “إسرائيل” ثم توجهها إلى الأراضي الفلسطينية، وكأن “إسرائيل” نفسها ليست قائمة على أراضٍ فلسطينية! وأيضًا مصطلح “الضفة الغربية والقدس”، يجب التنبية إلى أن شرقي القدس جزء من الضفة الغربية، فعند قولك لهذا المصطلح أنت تخدم حالة الفصل بينهما التي يريدها الإحتلال الإسرائيلي. ولذلك يجب علينا قول: “الضفة الغربية بما فيها القدس”
أما المصطلحات الأخيرة التي سأتطرق لذكرها بشكل سريع هي:
لا تقل معبر .. قل حاجز
لا تقل مستوطنات .. قل مستعمرات
لا تقل جيش الدفاع الإسرائيلي .. قل جيش الإحتلال الصهيوني
لا تقل معتقل .. قل أسير
الخطوة الثانية: قطع الصلة الإقتصادية مع الكيان المحتل والتوقف عن دعم أي منتج صهيوني أو أي شركة تموِّل لهذا الكيان الغاصب، فنحن لسنا بحاجة لأن نكون عرب أو مسلمين لنهتف بالموت للصهاينة ونقاطع منتجاتها .. يكفي أن تكون فطرتنا سليمة وإنسانيتنا لم تتلوث. فمقاطعة المنتجات الصهيونية والشركات التابعة لها أو المطبعة يعد إلتزامًا أخلاقيًا لدعم فلسطين وشعبها.
الخطوة الثالثة: هي المطالبة بإضافة القضية الفلسطينية كاملة إلى المناهج الدراسية، ولكي لا يأتي جيل يجهل أهمية هذه القضية! ولايستطيع التفريق بين الحق والباطل، “لن نقبل بمحو الحق الفلسطيني من المناهج الدراسية” فالجهل بقضايا الأمة هو السبب الأول فيدمارها وعدم تقدمها.
الخطوة الرابعة والتي قد تكون الأهم: لا تفكر ولو لحظة واحده مشاهدة أي مسلسل/فلم من إنتاج الكيان الصهيوني أو أي مسلسل/فلم يتحدث عن هذه القضية دون معرفة المصدر وراءه .. (بالأخص الموجود في برنامج نتفلكس فهو إنتاج الصهاينة)
إن النضال ضد المشروع الصهيوني قد يستمر مائة عام وأكثر
فعلى قصيري النفس أن يتنحوا جانبًا
( جورج حبش )
كتبت وردة